كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(فَإِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ) فِي الْإِنْكَارِ (لِمَنْعِ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ) مَثَلًا مَنْ يُرِيدُ إبْطَالَهُ لِقُوَّتِهِ (أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ) بِإِحْرَاقٍ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَإِلَّا فَبِكَسْرٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِهِ وَمَتَى أَحْرَقَهَا مِنْ غَيْرِ تَعَيُّنٍ غَرِمَ قِيمَتَهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ مُحْتَرَمٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ مَعَ إمْكَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَقِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِبْطَالِ كَيْفَ تَيَسَّرَ فِيمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ صَبِّ الْخَمْرِ لِضِيقِ رُءُوسِ أَوَانِيهَا مَعَ خَشْيَةِ لُحُوقِ فَسَقَةٍ لَهُ وَمَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ يَمْضِي فِي ذَلِكَ زَمَانُهُ وَيَتَعَطَّلُ شُغْلُهُ أَيْ بِحَيْثُ يَمْضِي فِيهِ زَمَنٌ يُقَابِلُ عَمَلَهُ فِيهِ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ تَافِهَةٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ ظُرُوفِهَا مُطْلَقًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا دُونَ الْآحَادِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُهِمَّةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُنْكِرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا مَا فَعَلَهُ صُدِّقَ الْمَالِكُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ أَرَاقَهُ ثُمَّ قَالَ كَانَ خَمْرًا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ عَصِيرًا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْمَالِيَّةِ. اهـ. قَالَ غَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُوَجَّهُ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ فَإِنَّا تَحَقَّقْنَا هُنَا الْمَالِيَّةَ وَاخْتَلَفْنَا فِي زَوَالِهَا فَصُدِّقَ مُدَّعِي بَقَائِهَا لِوُجُودِ الْأَصْلِ مَعَهُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى إهْدَارِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الَّتِي الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُضْمَنِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ بِحَقٍّ وَقَالَتْ بَلْ تَعَدِّيًا صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَبَاحَ لَهُ الضَّرْبَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِيهِ فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِيهِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَأْتِي هُنَا فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ السُّؤَالُ عَمَّنْ بَنَى مَكَانًا بِجِوَارِ مَسْجِدٍ وَقَصَرَهُ عَلَى سُكْنَى جَمَاعَةٍ لَازَمُوهُ لِمُلَازَمَتِهِمْ أَنْوَاعَ الْفَسَادِ فِيهِ مِنْ زِنًا وَلِوَاطٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ هَلْ يُهْدَمُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُهْدَمُ وَأَطَالَ جِدًّا فِي الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ وَمَا وَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَبِكَلَامِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَا أَجَابَ بِهِ مِنْ الْهَدْمِ ظَاهِرٌ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي مَنْعِ هَذِهِ الْمَعَاصِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ جَوَازُهُ بِالْوُلَاةِ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ مُحْتَرَمٌ) أَيْ وَقَدْ أَتْلَفَهُ بِالْإِحْرَاقِ.
(قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي الْيَرَاعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَا جَازَ مِنْ الْآلَاتِ كَالدُّفِّ وَالْيَرَاعِ يَجِبُ الْأَرْشُ عَلَى كَاسِرِهِ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ إلَخْ) نَعَمْ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ بَلْ أَوْلَى. اهـ. مُغْنِي وَفِي ع ش بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَمِثْلُ الْإِمَامِ أَرْبَابُ الْوِلَايَاتِ كَالْقُضَاةِ وَنُوَّابِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِإِحْرَاقٍ إلَخْ) الْأَوْلَى كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ بِإِحْرَاقٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ أَتْلَفَهُ بِالْإِحْرَاقِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ لِيُلَائِمَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَلِلْوُلَاةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَوَقَّفَتْ إرَاقَةُ الْخَمْرِ عَلَيْهِ أَوَّلًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ م ر. اهـ.
سم، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ.
تَنْبِيهٌ:
سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ تَجِبُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَيَخْتَصُّ وُجُوبُهُ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ، وَلَوْ أُنْثَى وَقِنًّا وَفَاسِقًا وَيُثَابُ عَلَيْهِ الْمُمَيِّزُ كَمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْبَالِغُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ فَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ ذِمِّيٌّ نَهَى مُسْلِمًا عَنْ مُنْكَرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَا الْجَوَابُ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ: مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ مَثَلًا، وَمِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتُهُ شَدِيدَةٌ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لِأَرْمِيَنك بِهَذَا السَّهْمِ وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِيَ الْخُمُورِ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لِلْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ مِنْهَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا لَا يَلِيقَانِ بِالْكَافِرِ وَأَمَّا الْأُولَيَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ بَلْ هُمَا مُجَرَّدُ فِعْلِ خَيْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ فِي حِفْظِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ حَتَّى بِالْفِعْلِ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ، وَكَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ فَلْيَجُزْ لِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ إنْ رَآهُ يَزْنِي قُلْنَا: إذَا مَنَعَ الْمُسْلِمَ بِفِعْلِهِ فَهُوَ تَسْلِيطٌ عَلَيْهِ فَنَمْنَعُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَسَلُّطٌ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا تَزْنِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الزِّنَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ إلَى أَنْ قَالَ: بَلْ نَقُولُ إنَّ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْلِمِ لَا تَزْنِ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إنْ رَأَيْنَا خِطَابَ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَى، وَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ إنْ وُضِعَ إلَى وَأُجْرَتُهُ.
(قَوْلُهُ وَفَاسِقًا) نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي الْعُمْدَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ وَمِنْ شُرُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ: أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ. اهـ. مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ وَيُرَدُّ بِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اسْتِهْزَائِهِ بِالدِّينِ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بِقَوْلٍ أَوْ وَعْظٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ اسْتِهْزَاءٌ بِالدِّينِ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ جَوَازُهُ بِالْقَوْلِ حَيْثُ قَالَ وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ: مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ ومِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتُهُ شَدِيدَةٌ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لِأَرْمِيَنك بِهَذَا السَّهْمِ وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِي الْخُمُورِ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لِلْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ مِنْهَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ وَكَلَامَ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا تَزْنِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الزِّنَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ بَلْ نَقُولُ: إنَّ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْلِمِ لَا تَزْنِ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إنْ رَأَيْنَا خِطَابَ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ.
انْتَهَى. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ أَوْ فَسَقَةً أَيْ بِغَيْرِ الْكُفْرِ فَلَيْسَ لِلْكَافِرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَدَمِ الْإِزَالَةِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّكْلِيفِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قِيلَ. اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْبَالِغُ) أَيْ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي مِقْدَارِهِ إذْ الصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّافِلَةِ وَالْبَالِغُ ثَوَابَ الْفَرْضِ. اهـ. ع ش.
(وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا (بِالتَّفْوِيتِ) بِالِاسْتِعْمَالِ (وَالْفَوَاتِ) وَهُوَ ضَيَاعُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ كَإِغْلَاقِ الدَّارِ (فِي يَدٍ عَادِيَةٍ)؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ فَضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ نَقْصٍ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ كُلَّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فَزَعَمَ اسْتِوَاءَهُمَا فِي اعْتِبَارِ الْأَقْصَى، وَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ صَنَائِعُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهَا، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْكُلِّ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ أَوْ لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لَهَا كَحَبٍّ وَكَلْبٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَلَوْ اصْطَادَ الْغَاصِبُ بِهِ فَهُوَ لَهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ شَبَكَةً أَوْ قَوْسًا وَاصْطَادَ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ قِنًّا وَاصْطَادَ لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ صَيْدَهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَأُجْرَتِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ حَلُوبٍ فَانْقَطَعَ بِسَبَبِهِ لَبَنُهَا لَزِمَهُ مَعَ قِيمَتِهِ أَرْشُهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَقِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ فِيهَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ كَحَبٍّ) مَا الْمَانِعُ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْحَبِّ لِتَزْيِينِ نَحْوِ الْحَانُوتِ.
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ يَصْرِفُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ) كَالْكِتَابِ وَالدَّابَّةِ وَالْمِسْكِ و(قَوْلُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ) كَأَنْ يُطَالِعَ فِي الْكِتَابِ وَيَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَشُمَّ الْمِسْكَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ آخِرَ الْفَصْلِ.
(قَوْلُهُ عَمَّا قَبْلَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالِانْفِصَالِ.
(قَوْلُهُ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ وَالْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ إلَخْ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ كَحَبٍّ) أَيْ لِحَقَارَتِهِ هُوَ مِثَالُ الْأَوَّلِ و(قَوْلُهُ وَكَلْبٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَالٍ و(قَوْلُهُ وَآلَةِ لَهْوٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا هُمَا مِثَالُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ الْكَلْبِ و(قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى وَ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ صَيْدَهُ)، وَلَوْ كَانَ أَيْ الْقِنُّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبُ عَلَى الصَّيْدِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّيْدَ (عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ) أَيْ الْقِنِّ.
(قَوْلُهُ وَأُجْرَتُهُ) أَيْ وَيَضْمَنُ أُجْرَةَ الْقِنِّ.
(قَوْلُهُ وَلَدَ حَلُوبٍ) أَيْ وَلَدَ دَابَّةٍ تَحْلُبُ. اهـ. نِهَايَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ ع ش.
(قَوْلُهُ مَعَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ. اهـ. ع ش.
(وَلَا يَضْمَن مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ) وَهُوَ الْفَرَجُ (إلَّا بِتَفْوِيتٍ) بِالْوَطْءِ فَيَضْمَنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ لَا بِفَوَاتٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ تَزْوِيجُهُ لِأَمَتِهِ الْمَغْصُوبَةِ مُطْلَقًا لَا إيجَارُهَا إنْ عَجَزَ كَالْمُسْتَأْجِرِ عَنْ انْتِزَاعِهَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ حَائِلَةٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْفَرَجُ) إلَى قَوْلِهِ إذْ لَوْ إلَخْ فِي الْمُغْنِي.